نص كلمة الأمين العام للمجلس في المؤتمر الصحفي بذكرى ست اعوام من العدوان
سكمشا: صنعاء
تظل الجمهورية اليمنية الأرض الطيبة التي تُصدِّر الخير إلى كافة بقاع المعمورة وتنشد السلام لكل البشرية وظل اليمنيون رواداً لصناع الحضارة الإنسانية وفي مقدمة دعاة السلام وقدموا في مختلف مراحل التاريخ نموذجا رائدا للتعايش السلمي من خلال مجتمعهم المتماسك المناهض لكافة اشكال العنصرية والكراهية الساعي لنشر مبادئ التسامح والقبول بالآخر وبذلك انتهجت اليمن في علاقاتها الدولية اسمى مبادئ التعاون التي من شأنها حفظ الامن والسلم الدوليين من خلال تعزيز الاحترام المتبادل بين الدول على أساس المساواة واحترام السيادة وعدم جواز التدخل في الشئون الداخلية، والامتناع عن اللجوء إلى استخدام القوة أو التهديد بها ضد أي دولة أخرى واستمرت علاقة اليمن بكافة اطراف المجتمع الدولي وفق تلك المبادئ والقواعد منذ آلاف السنين فقدمت اليمن صورة لواحدة من أرقى المجتمعات التي عرفتها الإنسانية.
شكّل 26 مارس من العام 2015 م علامة مأساوية فارقة من مختلف النواحي الإنسانية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية بالنظر إلى ما ترتب على ذلك التاريخ بدءاً بانتهاك سيادة اليمن والتدخل في شئونه الداخلية من قبل تحالف دول العدوان الذي تقوده السعودية وامريكا واستهداف الاراضي اليمنية عسكريا بمختلف الاسلحة بما فيها الاسلحة والذخائر الفتاكة والمحرمة دولياً في ممارسات اصبحت ممنهجة ومنظمة وبشكل متعمد لقتل وتشريد المدنيين وتدمير ممتلكاتهم العامة والخاصة بالإضافة إلى احتلال عدد من محافظات وجزر ومناطق واستباحة كل مقدرات الشعب اليمني والعمل على تفكيك النسيج الاجتماعي مع استمرار حالة الحصار الشامل على مختلف المنافذ البرية والموانئ اليمنية البحرية والجوية مجملها قد أفرزت وضعاً انسانياً كارثياً وحالةً تتجه بالوضع الإنساني نحو الانهيار التام.
الكارثة الإنسانية المأساوية المتفاقمة التي يعيشها اليمنيون منذ ستة أعوام تطلبت تدخلاً سريعاً وعاجلاً من قبل الأمم المتحدة والمنظمات الدولية للقيام بدورها الانساني في تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية والاضطلاع بدورها بشكل جاد وبكل حيادية ومهنية وفقاً للقوانين الدولية ذات العلاقة التي نظمت عملها وأوكلت إليها تلك المهمة وأوجبت عليها تلك المسؤولية الإنسانية.
وبالنظر إلى الدور السلبي لكثير من المانحين المتزعمين والمشاركين في العدوان على الجمهورية اليمنية والذين هم السبب الرئيسي لوجود هذه الأزمة لم نشهد تفاعلاً ملموساً من قبل المانحين والأمم المتحدة لتغطية الفجوات الرئيسية في القطاعات الحيوية والأساسية ، حيث لم يصل تعهدات المانحين الى 50% لما رصدته الأمم المتحدة من مبالغ لإيقاف أكبر مجاعة على مر التاريخ وتوفير أبرز الاحتياجات الغذائية والدوائية وغيرها.
وبالنظر الى دور تلك المنظمات الإنسانية والاغاثية تجاه اليمن والواقع الانساني المرير والأليم الذي أحدثه العدوان والحصار وما نجم عنه من جرائم وما لحقته من أضرار بالغة طالت المدنيين ومقومات الحياه بشكل عام، فقد لوحظ بأن التفاعل من قبل تلك المنظمات للتخفيف من المعاناة لم تكن بالشكل المطلوب ، حيث ركزت العديد من المنظمات الدولية وشركاء العمل الإنساني على أنشطة لاتخدم أولويات الاحتياجات الإنسانية أو العمل على التخفيف الفعلي لآثار العدوان.
في المقابل استمر الموقف السلبي لمنظومة الأمم المتحدة ممثلة بجميع وكالاتها المعنية بمتابعة وتقييم الحالة الإنسانية في اليمن لتساهم مباشرة في زيادة معاناة اليمنيين حيث اقتصرت مواقفها على عدد من التوصيفات الإعلامية والتي كان آخرها ما ورد في مؤتمر المانحين 1 مارس 2021م والذي أوضح فيه أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن :-
1- ” شخصين من بين كل ثلاثة في اليمن يحتاجان مساعدات غذائية ورعاية صحية أو غير ذلك من الدعم المنقذ للحياة من المنظمات الإنسانية. ومن المتوقع أن يعاني أكثر من 16 مليون شخص من الجوع هذا العام. وما يقرب من 50 ألف يمني يتضورون جوعا إلى حد الموت في ظروف تشبه المجاعة. 4 ملايين شخص بأنحاء اليمن أُجبروا على الفرار من ديارهم “
2- “الأطفال المتضورون جوعا أكثر عرضة للإصابة بأمراض يمكن الوقاية منها مثل الكوليرا والدفتيريا والحصبة. كل 10 دقائق يموت طفل، بلا داع، بسبب مثل هذه الأمراض في اليمن. كل يوم يتم قتل وتشويه أطفال يمنيين في الصراع. إن الحرب تبتلع جيلا كاملا من اليمنيين، ويجب أن تتوقف”.
3- “هذا العام نحتاج 3.85 مليار دولار لدعم 16 مليون يمني على شفا الانهيار. أناشد جميع المانحين تمويل ندائنا بسخاء اليوم لوقف المجاعة التي تجتاح البلاد” فيما أوضح منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن ديفيد غريسلي في كلمته إلى أن :-
1- “اليمن يصل إلى نقطة اللاعودة. إذا اتخذنا الخيار الخاطئ الآن، ما سيأتي بعد ذلك سيكون أكبر مجاعة منذ أجيال”.
2- “المجاعة تشق طريقها إلى اليمن، إذا لم نرفع مستوى عمليات الإغاثة بسرعة، فستبتلع جيلا بأكمله، وسيكون السلام بلا معنى إذا أزهقت الأرواح”.
3- “إذا اختار العالم ألا يساعد على الإطلاق أو ألا يساعد بما يكفي، فنحن نهدر فرصة درء المجاعة واتخاذ خطوات باتجاه السلام، وسنجعل من حدوث المجاعة الجماعية أمرا مؤكدا وبذلك نقوّض آفاق السلام”.
وعلى الرغم من ذلك إلا أننا لم نرى أو نلمس تحرك جاد من قبل الأمم المتحدة لإيقاف العدوان على اليمن.
وبالرغم من انتشار جائحة كوفيد 19 وما نتج عن استمرار الحصار من تدني واردات النفط والمواد الغذائية والأدوية التي كانت تستدعي مزيد من بذل الجهود لتعزيز تغطية الفجوات في هذه القطاعات الحيوية إلا أنه وعلى العكس تم اتخاذ عدد من الإجراءات التي زادت من مفاقمة الوضع الإنساني في اليمن ومنها :-
1- تخفيض برنامج الغذاء العالمي للتوزيع الدوري للغذاء إلى 50% وذلك اعتباراً من شهر ابريل 2020م في المحافظات التي تقع تحت إدارة المجلس السياسي الأعلى مما يعني استخدام الغذاء كورقة سياسية وعسكرية بعيدا عن الاعتبارات الانسانية.
2- انسحاب عدد من المنظمات الأممية من تقديم خدماتها الصحية من مئات المرافق الصحية بشكل مفاجئ دون وضع حلول مستدامة الأمر الذي كاد أن ينتج عنه انهيار الوضع الصحي.
3- تخفيض / إيقاف الوقود اللازم لتشغيل مؤسسات المياه والصرف الصحي ، والمؤسسات الصحية ، في الوقت الذي لم يتم اتخاذ آلية لحلول مستدامة ضمن المشاريع المنفذة في الأعوام الماضية.
4- إيقاف الدعم عن العديد من المشاريع بعد توقيع اتفاقياتها.
وبالنظر إلى كل ما سبق فإن الوضع الإنساني في اليمن يستمر بالتدهور نظراً للعديد من الأسباب أبرزها :-
1- عدم جدية الأمم المتحدة في العمل على إيقاف العدوان على اليمن ، والاتجاه في كثير من مواقفهم إلى مقايضة الجانب الإنساني مقابل الجانب السياسي والعسكري.
2- عدم وفاء المانحين بالتزاماتهم.
3- عدم التركيز على البرامج التنموية المستدامة.
4- استقطاع مبالغ كبيرة من المنح المقدمة لشركاء العمل الإنساني في المكاتب الرئيسية للمانحين.
5- احتساب المنح والتعهدات بشكل عيني ، بحيث تتم عمليات الشراء من متعهدين خارجيين وبمبالغ كبيرة ، دون إشراك الجانب الوطني في الاشراف والرقابة على تلك العمليات.
6- إدخال مواد غذائية وصحية عينية شارفت تواريخ صلاحياتها على الانتهاء نظراً للبيروقراطية في عمليات الشراء والتأخير المتعمد لإدخال هذه المواد عبر ميناء الحديدة.
وفي سبيل تعزيز تصويب العمل الإنساني يقوم المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي باتخاذ العديد من الإجراءات أبرزها :-
1- التنسيق مع المؤسسات الحكومية وبما يكفل تحديد أولويات الاحتياجات على مستوى القطاعات.
2- التنسيق مع شركاء العمل الإنساني بما يكفل تنفيذ التدخلات اللازمة بحسب أولويات الاحتياجات.
3- مراجعة وتحليل المشاريع المقدمة من شركاء العمل الإنساني وموائمة ميزانياتها بحسب الآلية المعتمدة في المجلس وبما يكفل الوصول بالنفقات المباشرة إلى نسبة لا تقل عن 60% من إجمالي الموازنات ، وهذه النفقات المباشرة هي ما يصل إلى المستفيدين بشكل مباشر مع اعتماد 20% كنفقات داعمة و نسبة لاتتجاوز 20% كنفقات تشغيلية.
4- التواصل المستمر مع شركاء العمل الإنساني وبما يكفل استيعاب الملاحظات التي ترد من الجهات المستفيدة بشأن المشاريع المقدمة من شركاء العمل الإنساني ، وتنفيذ لقاءات مشتركة مع الجهات المستفيدة وشركاء العمل الإنساني بهذا الشأن.
5- الحد من المشاريع التي لاتخدم أولويات الاحتياجات بشكل مباشر وبحث تحويلها إلى مشاريع تنموية هادفة أو إيقافها.
6- تعزيز المشاريع والبرامج التنموية التي تتسم بطابع الاستدامة.
7- التعاون والتنسيق مع الجهات ذات العلاقة لمتابعة وتقييم المشاريع المنفذة وتحديد الانحرافات فيها ، والعمل على تلافي أسباب هذه الانحرافات مستقبلاً.
وفي ما يلي نستعرض ملخص أولويات الاحتياجات الإنسانية 2021م
1. قطاع الأمن الغذائي والزراعة
24.8 مليون شخص (67% من السكان) بحاجة للمساعدات الغذائية.
16.5 مليون شخص في المرحلة الثالثة وما فوق من التصنيف المرحلي خلال 2021م.
5.1 مليون شخص على بعد خطوة واحدة من المجاعة (المرحلة الرابعة من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي – الطوارئ).
2. قطاع الصحة:
16 مليون شخص يحتاجون للخدمات الصحية
11 مليون شخص يحتاجون بشدة للرعاية الصحية والأدوية.
90 مستشفى ريفي و23 مستشفى محوري و24 مستشفى مركزي بحاجة للدعم لتقديم الخدمات الصحية وخدمات الطوارئ.
15 مركز للغسيل الكلوي و 6 وحدات ومراكز علاج الأورام بحاجة للدعم لتقديم خدماتها العلاجية.
70% من السكان يعانون من الأمراض الغير سارية.
2700 مرفق صحي بحاجة للدعم لتقديم الخدمات الصحية والتوليدية.
3. قطاع التغذية الصحية
– ما يقارب من 4 مليون طفل يعانون من سوء التغذية.
– مليون امرأة من الحوامل والمرضعات مصابات بسوء التغذية الحاد.
4. قطاع المياه والاصحاح البيئي
تشير التقديرات إلى أن 16.4 مليون شخص في المحافظات الحرة بحاجة إلى المساعدة في مجال المياه والاصحاح البيئي ، من بينهم 10مليون شخص بحاجة ماسة.
5. قطاع التعليم:
أكثر من 2500 (جامعة – معهد -مدرسة) تعرضت إلى تدمير كلي أو جزئي.
ما يقارب من نصف مليون من الكادر التعليمي يعاني من انقطاع الرواتب.
أكثر من نصف مليون طالب /طالبة بحاجة ماسة إلى المساعدة الطارئة.
1 مليون طفل من النازحين بحاجة إلى الدعم في مجال التعليم.
6. قطاع المأوى/ المواد غير الغذائية/ إدارة وتنسيق المخيمات
4.5 مليون شخص نازح.
حوالي 250 ألف أسرة نازحة تعاني صعوبة في تسديد الإيجارات المتراكمة.
نحو 150 ألف أسرة من النازحين يعيشون في (1389) مركز إيواء ومخيم وتجمع عشوائي ويواجهون ظروفاً معيشية سيئة.
(58) % من الأسر النازحة والمجتمع المستضيف والمتضررين يعيشون في المناطق الباردة.
6. قطاع الحماية:
– عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى من المدينين.
النتائج الكارثية الإنسانية الناتجة عن إغلاق مطار صنعاء :-
– وفاة عشرات آلاف المرضى من المدنيين.
– مئات الآلاف من المرضى بحاجة إلى السفر لتلقي العلاج.
– آلاف المرضى بالفشل الكلوي بحاجة لزراعة كلى بصورة عاجلة.
– عشرات الآلاف من المرضى بالأورام السرطانية منهم عدد كبير من الأطفال والنساء مهددون بالموت.
كما استعرض امين عام المجلس الأعلى أبرز إنجازات المجلس خلال العام 2020م :-